أخبار عاجلة
“المفوضية” تستجيب لطلب “الخارجية” ومهلة شهر -
“الحزب” يستهدف موقع الراهب -

هل يعود لبنان إلى بلده؟!

هل يعود لبنان إلى بلده؟!
هل يعود لبنان إلى بلده؟!
دخل لبنان شهره التاسع من دون حكومة. لا يبدو، وفق المعطيات والتوقعات والتحليلات، أن الولادة ستكون قريبة. أما إن حصل، فالمولود قد يكون مريضاً أو في أفضل الأحوال، محاطاً بمخاطر لا تُبعدها حاضنة. ولبنان كان قد دخل، منذ بضعة سنوات، دوّامة الفوضى السياسية، حدّ أن انتهك دستوره مرّات كثيرة، وشُلّت مؤسساته غالباً، وسُلبت من مواطنيه أبسط حقوقهم وأكثرها بديهية. لم يعد، في هذا البلد، ما هو على ما يرام. صارت الثوابت وجهات نظر، والقاعدة استثناء، والاعوجاج سيّد المواقف. على هذا النحو، بات يمكن وصف لبنان، بالبلد التعيس. بتعبير أصحّ: إنه بلد منكوب. لقد استطاع الفساد، على سبيل المثال لا الحصر، أن يقتلع مقوّمات الدولة، بأخضرها ويابسها. وفعل الثلوّث أكثر مما يفعله "التسونامي"، فاجتاح كلّ الزوايا. وهدّت المشاكل الإقتصادية والمعيشية هياكل البشر، وطيّرت التناحرات السياسية والهرولة وراء المصالح الضيّقة أو خلف أجندات الخارج كلّ منطق ونصّ قانوني...وصولاً إلى تهديد الصيغة اللبنانية وبنية النظام السياسي.

لماذا وصل لبنان إلى منتصف الهاوية، لا إلى حافتها وحسب؟ وتالياً، إلى أين؟! والسؤال الأهم، هل من حبل نجاة، فخلاص؟!

على رغم كلّ الفوضى السائدة في كلّ القطاعات والمجالات وكلّ الغبار والغيوم والتلبدات في الصورة، لا يرى الكاتب والمحلل السياسي سام منسى مشهداً واضحاً أكثر مما يراه في المشهد الحالي.

في حديث لـ "لبنان24"، يقرأ الواقع من منظوره الواسع. لبنان ليس جزيرة منفصلة، ولم يكن. لكنّ المشكلة الراهنة، أنه ما عاد أيضاً بلداً بحدود خاصة ومنظورة. يكاد يصير ملحقاً، أو صار.

لا يرى منسى أنّ فشل تأليف الحكومة، ومن قبله مجمل الإخفاقات في كثير من الاستحقاقات، يعود إلى الخلاف على وزير من هنا أو حصة من هناك. المشكلة الحقيقية والأساسية أصلاً، ليست هنا. ما يحصل مجرد نتيجة. المشكلة الحقيقية برأيه، هي سعي المحور المؤيد لـ"حزب الله" إلى تعديل الصيغة اللبنانية وإدخال تغييرات في بنية النظام السياسي، بقوّة "الانتصار" الذي حققه في المنطقة، بدءاً بسوريا ومروراً بالعراق واليمن.

وهذا "الانتصار" المزعوم لم يكن ليكون إلا بسبب السياسة الأميركية في المنطقة. برأي منسى، تتبع إدارة ترامب أسلوب إدارة أوباما السابقة في الأساسيات. يقول:" هناك سوء رؤية أميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط، والسياسة الخارجية وإن تغيّرت مع الظروف والشخصيات، إلا أنها تظلّ تعمل "على الطلب" (menu)، أي أنها تتعاطى مع قضايا هذه المنطقة من دون الاستناد إلى رؤية واضحة".

ويضيف:"ها هي أميركا اليوم تنسحب من سوريا تاركة ميزان القوة يميل إلى صالح إيران التي تملك، وبخلاف روسيا، وكلاء محليين يعملون على بسط نفوذها وتعزيزه في عدد من البلدان التي أقرّ أكثر من مسؤول إيراني بأنها أصبحت في قبضة بلاده، بما فيها العراق واليمن وسوريا، وطبعاً لبنان".
وهنا في لبنان تحديداً، نجح "حزب الله" في نيل شرعيات مختلفة على مرّ السنوات، علماً أن مشروعه لم يتغيّر منذ أن دخل الساحة اللبنانية، عسكرياً، في الثمانينات. لقد نال "الحزب" شرعية شعبية عندما حارب إسرائيل، وعمل على نيل شرعية سياسية مع دخوله البرلمان والحكومة، ويبدو أنه يسير داخلياً في مسار واضح يفضي إلى "انقلاب شرعي" بما يتلاءم مع قوته العسكرية محلياً وإقليمياً، ومع الرؤية الإيرانية الواضحة، وأيضاً مع التغيّر الديموغرافي الهائل الحاصل في لبنان. لم يعد خافياً، بحسب منسى، أن ثمة فريقاً لبنانياً يرى في المناصفة وضعاً غير منطقي ولا ديمقراطيّ.

لا يعزو منسى "الانتصار" الإيراني في لبنان إلى المتغيّرات والتطورات في الإقليم وحسب، ولا إلى نجاح "حزب الله" في "تنفيذ" مشروعه بنفس طويل وانسجام كلّي مع أجندة طهران وحسب، بل أيضاً إلى التفكك الذي أصاب الحراك الرافض للوصاية السورية وهيمنة سلاح "حزب الله" ووضع البلد في الفلك الإيراني.

يتحدث طبعاً عن "ثورة الأرز" التي كادت أن تنجح، أو على الأقلّ أن تحدّ من التغلغل الإيراني- السوري، لكنها، ويا للأسف، ذابت في مستنقعات التناحر الداخلي وأضاعت فرص العمر. يقول منسى:"عندما قال السنّة "لبنان أولاً"، انكفأ المسيحيون وذهب بعضهم إلى خيار حلف الأقليات. وعندما كان الوقت للضرب بيد من حديد، ذهب البعض إلى التسويات. هكذا، لم تجد تلك "الثورة" من يدعمها لا عربياً ولا عالمياً، ولاحقاً محلياً بفعل سوء الإداء.

هكذا، التقط "حزب الله" الفرصة التي أتته على طبق من ذهب، هو السائر بخطى ثابتة لتحقيق أهدافه. لقد صار لبنان اليوم يسير على وقع النغمات الإيرانية، وحكماً السورية التي ما زال يعزفها نظام بشار الأسد.

غياب سوريا
منذ أسبوع، انعقدت قمة "هزيلة" في لبنان، وبدا لبنان بلداً تعيساً، إن لم نقل...منكوباً. لم يكن، بحسب منسى، "الضجيج الذي أحاط بدعوة ليبيا إلى القمة مبرراً، فهي سبق أن شاركت في قمة بيروت 2002، ثمّ أنّ نظام معمر القذافي الذي يحمّله الشيعة في لبنان مسؤولية اختفاء الإمام موسى الصدر منذ 40 عاماً لم يعد موجوداً".
باختصار، "المشكلة لم تكن في مشاركة ليبيا... إنما في غياب سوريا"!

إذاً، لبنان الذي وقع في قبضة محور الممانعة، إلى أين؟! بل المنطقة، إلى أين؟

مع غياب الأميركيين في سوريا، بات المشهد أكثر فوضوية، برأي منسى. الروس بحاجة إلى من يتفاوضون معه، وهم في الوقت عينه ليسوا مستعدين لمعاداة إيران أو للتناحر معها. وفيما يحدث كلّ هذا، تستمرّ حرب الاستنزاف، كما يسميها منسى، بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية. لقد بات واضحاً أنها أصبحت بوتيرة أقوى وأكثر جديّة. المواجهة مفتوحة، على حدّ قول الإسرائيليين. لكنّ اندلاع حرب مباشرة دونه عوائق، برأي منسى:" هناك الوضع الداخلي الإسرائيلي والانتخابات المرتقبة، وهناك الوجود الروسي، وهناك الموقف الأميركي المتشرذم بين من يدعو إلى نسف النظام الإيراني برمتّه وبين من يرى في استيعابه حلاً للوصول إلى تسوية. ووسط كلّ هذا، تواجه الإدارة الأميركية الحالية مشكلات داخلية عديدة، وها هو ترامب يجد نفسه يواجه دعاوى قضائية من جهة، وفوز الحزب الديمقراطي بالغالبية في مجلس النواب من جهة أخرى والذي بات يعرقل عمل سيد البيت الأبيض ومخططاته في الداخل.

قد تستدعي خلاصة القراءة السياسية هذه الشعور بالإحباط. هل ما زال بالإمكان استعادة لبنان؟! قد يكون الأمر ممكناً، بحسب منسى، في حال أعيد تشكيل جبهة داخلية محصنة وتمتلك رؤية واضحة لمواجهة مشكلة واضحة لا مشاكل تتوالد نتيجتها. أما حراك الشارع والذي تارة ينزل في مظاهرات لإسقاط الحكومة وطوراً يرفع مطلب تشكيل الحكومة، فهو في النهاية لا يمثّل الرأي العام اللبناني. أو بالأحرى، إنه يمثل الرأي العام اللبناني بتفككه وضياعه وتشتته واختلافاته وفقدانه الرؤية. هل عدنا إلى الصفر؟!
ربما لا. يظلّ في الأفق، حلول، إن تقررت المواجهة بعيداً من خلافات تشبه مشاجرات صبية الحيّ!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق “الحزب” يستهدف موقع الراهب
التالى ترجيح الخيار الرئاسي الثالث يتصدر جدول أعمال “الخماسية”

معلومات الكاتب