وإذ كانت الأوساط السياسية ترصد "الخطوة التالية" للرئيس ميشال عون بعدما لوّح بتوجيه رسالة الى البرلمان تضع الملف الحكومي تأليفاً وتكليفاً في كنفه في خطوة فُسِّرت على أنها للضغط على الرئيس المكلف سعد الحريري ورمي كرة الأزمة بالكامل في ملعبه، برز تطوران على جانب من الأهمية:
الأول معاودة دول مجلس التعاون الخليجي تأكيد متابعتها عن كثب مسار الواقع اللبناني، وهو ما عبّر عنه بيان القمة الذي رفض "دور إيران وتنظيم حزب الله الإرهابي في زعزعة استقرار لبنان وإضعاف مؤسساته السياسية والأمنية، وتفتيت الوحدة الوطنية"، مع أمله بأن "يتمكن الحريري من تشكيل حكومة وفاق وطني".
والثاني الحرَكة المُفاجئة التي انطلقت في القصر الجمهوري مع دعوة عون رئيس البرلمان نبيه بري الى اجتماعٍ أعقبه لقاء مع الحريري من ضمن سلسلة استقبالات تردّد ان الرئيس ينوي القيام بها مواكبةً للأزمة الحكومية.
واستوقف الأوساط السياسية توقيت حركة عون التي راوحتْ قراءتُها "السريعة" بين كونها مشاورات لجس النبض حيال توجّهه لاستخدام حقه الدستوري بمخاطبة البرلمان، وبين اعتبارها بديلاً أقله موقتاً عن مثل هذه الخطوة التي ارتسمتْ محاذيرها السياسية والطائفية على نحو مبكّر منذرةً بجعلها بمثابة شرارة قد تطيح حتى بالتسوية السياسية التي وصل على متنها عون والحريري معاً الى السلطة.
وترى الأوساط نفسها أنّه قبل المبادرة الرئاسية أمس بفتْح خطوط التواصل المباشر مع بري والحريري كانت الأزمة بلغت مستويات بالغة السلبية عبّر عنها من التقوا رئيس البرلمان والرئيس المكلف والذين أبلغوا الى "الراي" ان "الأجواء مسكّرة"، وسط تَزايُد الاقتناع بأن "حزب الله" الذي رمى "لغم" إصراره على توزير احد النواب السنّة الستة الموالين له نجح في تحويل هذه العقدة الى "صاعق" يكاد ان ينفجر في العلاقة بين عون الذي يحاذر فريقه حلولاً تنزع من يده الثلث المعطّل في الحكومة الجديدة وبين الحريري الذي يرفض أي مَخارِج على حساب موقعه السياسي وكرئيس للحكومة.