'العقدة السنية وموقف حزب الله'

'العقدة السنية وموقف حزب الله'
'العقدة السنية وموقف حزب الله'
اتفاق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري على الصيغة الحكومية، لا يكفي لولادة الحكومة وخروجها الى النور، مع أن الدستور أناط بهما حصرا مسألة تأليف الحكومة. ففي لبنان الميثاق أهم من الدستور، والأعراف تغلب النصوص وتتقدم عليها، والمعادلة الطائفية أهم من اللعبة السياسية. فالرئيس الحريري حمل في زيارته الأخيرة إلى بعبدا صيغة حكومية تضمنت حقائب من دون أسماء، ذلك أنه عندما طلب من الحاج حسين خليل أسماء وزراء "حزب الله" كان الجواب أن الأسماء لا تسلم إلا بعد الاتفاق على الوزير السني السادس، أي بعد موافقة الحريري على تمثيل سنة 8 آذار من خارج المستقبل. وبالتالي، اصطدمت عملية تشكيل الحكومة بهذه المعادلة: لا تشكيلة حكومية من دون أسماء وزراء الشيعة. ولا حكومة من دون سنة ٨ آذار.

مما لا شك فيه أن "حزب الله" لا يجد نفسه حاليا في وضع سياسي مريح، وهو لم يوفق في إدارة معركة التمثيل السني على النحو الأفضل، وإنما حصلت أخطاء من جانبه مثل عدم طرح موضوع تمثيل حلفائه السنة على امتداد 5 أشهر بجدية وعلنية، وتسليط الضوء على العقدتين الدرزية والمسيحية أو التلطي وراءهما. واختيار توقيت غير مناسب لإعلان الموقف النهائي والحازم عشية صدور مراسيم الحكومة الجديدة، وعدم توقع هذا الموقف المنحاز من جانب الرئيس عون لمصلحة الحريري والمتفهم لرفضه واعتراضه. ويضاف إلى ذلك الخطأ أو الخلل الحاصل في آلية التنسيق والتواصل بين حزب الله ورئيس الجمهورية.

ومما لا شك فيه أيضا أن عوامل ومعطيات كثيرة تضغط على "حزب الله" وتدفع به الى تليين موقفه حيال العقدة السنية وإيجاد حل لها، لأن الحزب يخوض معركة "مكلفة" ويواجه:

موقفا متشددا من الرئيس الحريري المحاط برعاية سنية كبيرة يصل الى حد ربط مصيره الحكومي بهذا المقعد، والتلويح بالاعتذار والانسحاب. فهل مصلحة حزب الله ببقاء الحريري أم بخروجه من رئاسة الحكومة؟! وهل يملك البديل الجاهز له؟! وهل من يقبل أو من يقدر في الطائفة السنية أن يشكل حكومة حاليا؟!

توافقا واضحا ومعلنا بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على مسألة التمثيل السني، وصل عند الرئيس عون الى حد ربط المقعد المتنازع عليه بمسألة التسوية والشراكة في الحكم، بمعنى أن التسوية مرتبطة بوجود الحريري واستمراره في رئاسة الحكومة قويا، وفرض تمثيل سني عليه مرفوض منه يضعفه ويعرض بقاءه للخطر.

مجتمعا ورأيا عاما لبنانيا يرزح تحت أثقال أزمة اقتصادية وينتظر بفارغ الصبر الحكومة الجديدة التي جمدت عند نقطة تمثيل السنة المدعومين من حزب الله.

مجتمعا دوليا يربط استمرار دعمه ورعايته للبنان اقتصاديا وسياسيا بولادة الحكومة الجديدة.

رغم كل هذه الصورة، فإن "حزب الله" ليس في وارد تغيير رأيه والتخلي عن تمثيل حلفائه، والذين ينتظرون إطلالة أمينه العام السيد حسن نصرالله بعد أيام عليهم أن يتوقعوا مزيدا من التمسك بهذا الموقف والتأكيد عليه وتبريره ودحض المبررات والذرائع التي تعطى لعدم تمثيل هذه الشريحة.

وبخلاف كل الاعتقاد السائد، لا يجد "حزب الله" نفسه في موقف حرج أو «مضغوط»، ولا يعتبر أن الكرة في ملعبه، لا بل يعتبر أنه الحلقة الأقوى في هذه المعركة، وأن الحريري هو الحلقة الأضعف وأن عليه تقع مسؤولية إيجاد حل لهذه المشكلة إذا كان يريد أن يشكل حكومة، وأن يبقى رئيسا للحكومة. ولا يعتبر الحزب أن مشكلته هي مع الرئيس عون، وأن هذا الموضوع يمكن أن ينال من علاقتهما الاستراتيجية التي اجتازت تحديات واختبارات أقوى وأصعب منذ العام ٢٠١٦ وحتى الآن. وباختصار، فإن حزب الله لديه قدرة على الانتظار وعلى إدخال عملية تشكيل الحكومة في إجازة مفتوحة، ولا مشكلة لديه في ذلك. ولكن لا رئيس الجمهورية ولا الرئيس المكلف لديهما مثل هذه القدرة على انتظار إضافي، فمن دون حكومة يتعرض رصيد العهد وزخمه ومصداقيته للتآكل، ومن دون حكومة تتعرض نتائج مؤتمر "سيدر" وثماره لخطر التبدد والضياع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب